استمع للكتاب المقدس بكل لغات العالم

الكتاب المقدس المقروء

05‏/03‏/2010

المركز الكاثوليكي يكشف الأعلام والثقافة في التصدي لأحداث نجع حماد




يأجوا ء المشاعر الوطنية الفياضة فرضت نفسها في مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما حيث رفع شعار  الوحدة الوطنية  لتكون عنوانًا له في دورته الـ58  وليؤكد أن أحداث نجع حمادي لم تكن إلا مؤامرة مدسوسة للتفريق بين جناحي الأمة ونشر بذور الشقاق بين أبنائها،  لقد انتابتني انفعالات متضاربة تجاه موجات التآخي بين المسلمين والمسيحيين في المهرجان فلم أعرف هل أفرح بتماسكنا يدًا واحدة في مواجهة من يريدون ضرب وحدتنا أم أحزن لما يعترض هذه الوحدة من مطبات،  في الحقيقة كنت أتابع وقائع المهرجان بقلب المواطن المصري البسيط وعقل الناقد لأنني لمحت في عيون صلاح السعدني شيئًا من الحزن وهو يتلقي التكريم حيث قال : إن مصر نسيج واحد بكل طوائفها وأن ما حدث في نجع حمادي علي يد بعض الآثمين يدل علي أنهم ليسوا مسلمين بل هم أعداء لهذا الوطن .

شعار المهرجان الكاثوليكي في دورته الحالية حول الوحدة الوطنية كرم خمسة فنانين،  أربعة منهم مسلمون وفنان واحد مسيحي وهم صلاح السعدني وميرفت أمين وسهير الباروني وفاروق الرشيدي والمنتصر بالله ولم يكن ذلك من فراغ  بل إيمانًا من المركز بمهمة الفن وجوهر رسالته وهي أن تكون السينما عنصرًا موازيا لتحقيق السمو الأخلاقي في الإنسان،  لقد اختار المركز الكاثوليكي شعار  الوحدة الوطنية  في هذه الدورة بالذات ليؤكد أن أحداث نجع حمادي قد فشلت في شق الصف المصري ويوجه رسالة طالما رددها الأب يوسف مظلوم وهي أنه علي صناع السينما المصرية أن يتحدوا من أجل تحقيق الرسالة السامية للفن في النهوض بالمجتمع .

< لقد مس الاحتفال بالدورة  58  لمهرجان السينما أوجاع المؤسسات الرسمية إن لم يكن قد كشفها لأنه تصدي لأحداث نجع حمادي بشفافية كبيرة وصدق أكيد بينما وقفت الأجهزة الإعلامية في حالة ذهول ضد ما تشنه الفضائيات المسمومة من تحريض وادعاءات ففي الوقت الذي لعبت هذه الفضائيات فيه دور من يقوم بسكب الزيت علي النار قام المركز الكاثوليكي بمبادرته التي أثلج بها صدر الجميع مؤكدًا أن مصر بلد ووطن للمسلمين والأقباط،  وأن ما حدث هو جريمة جنائية بعيدة كل البعد عن الطائفية،  فمصر ليست لبنان أو العراق وإنما أرض الكنانة التي تتوحد فيها المصائر وتتآلف فيها القلوب وتتحد الإرادة .

الفن ضد التطرف

يتعامل المركز الكاثوليكي مع الفن من خلال وجهة نظر راقية لا تصادر الإبداع وإنما تناقشه وتختار منه الأعمال السينمائية التي تسمو بالشباب وتدعم المجتمع وتنمي قدراته علي التقدم والبناء ويتم ذلك وفق قواعد محددة وضعها الآباء والتزموا بها منذ عام  1952  ولذلك فإن جوائز المركز ليست مجرد جائزة فنيه وإنما وسام استحقاق في السمو والأخلاق ومبادئ الفرسان وإذا كان المركز يسير علي الخط الذي يفيد الإنسان والمجتمع فإن هناك من يسيرون عكس هذا الاتجاه،  ولك أن تندهش عندما تفاجأ بأن قنوات النيل المتخصصة تمنح جوائزها لأفلام مثل  إبراهيم الأبيض  ودكان شحاتة  والسفاح  بما يعني تمجيد الجريمة دون مجرد التفكير في الآثار والنتائج السلبية التي يمكن أن تفرزها مثل هذه النوعية من الأفلام،  لابد من إعادة صياغة المفاهيم التي تعمل بها قنوات النيل المتخصصة لأنها تنظر إلي هذه الأفلام من جانب واحد مع إغفال الهدف الذي تتضمنه ودور أحداث هذه الأفلام في الارتقاء بالمجتمع والإنسان .

ولا يخفي علي أحد أن مهرجان المركز الكاثوليكي يقام كل عام من أجل دعم هذا الفن السينمائي وليس بهدف تنجيم أحد أو رفع أسهمه مثلما تفعل الفضائيات، فكثير من الاستفتاءات التي تجريها أصبحت لعبة مكشوفة لصالح هذا الفنان أو ذاك،  أما المهرجان الكاثوليكي فيفعل ذلك من باب العطاء وكل من يشرفون علي فاعلياته خلال حفلي الافتتاح والختام من الشباب المتطوع وكلهم واجهات مشرفة لمصر ويعملون في مهن ووظائف لا ترتبط بالفن ومع ذلك يسهمون في عمل جدير بالاحترام،  علي عكس ما يحدث في كواليس مهرجان وزارة الثقافة التي تعتبر الأموال التي تنفق علي مهرجان السينما مجرد منحة يتم رفع مخصصاتها علي مضض كل عام،  ناهيك عن حالة التقاعس الشديد تجاه سرقة الأفلام وتسريبها عبر الإنترنت بما ينذر بتدهور هذه الصناعة مثلما انهارت صناعة الكاسيت وأغلقت شركاتها كل الأبواب،  وأنا أؤكد ذلك لأني أري أن هناك حلقة مفقودة بين المؤسسات الرسمية والجمعيات الأهلية فلو تضافرت الجهود الرسمية في التصدي للقرصنة مع إيجاد روح التعاون بينها وبين الكوادر التي تقوم بأعباء المهرجان الكاثوليكي لكانت النتائج عبارة عن مهرجان حضاري علي أعلي المستويات .

هناك فرق كبير بين نظرة المركز الكاثوليكي للفن السينمائي ومحاولة تطويعه لخدمة المجتمع وبين شيوخ الفضائيات الذين يتخفون في شكل الدعاة بينما يحملون في داخلهم حقدًا دفينًا علي هذا الفن بل إنهم يطلقون صيحات التحريم والتجريم ولا تستمع لأحد منهم حتي يصدمك بأن  الفن حرام  ويتقمص كل واحد منهم دور الحاكم بأمر الله لأنه يريد منا أن نسلم برأيه دون مراجعة أو نقاش .

حضوري المهرجان الكاثوليكي للسينما جعلني أضع يدي علي متاعب الفن في مصر فهو يعاني من قوي التطرف والتشدد التي تصادر حريته كما أنه يئن تحت تباطؤ مؤسسات الإعلام ووزارة الثقافة ولا سبيل للخروج من عنق هذه الزجاجة الفنية إلا إذا أعاد كل منا صياغة دوره بالطريقة التي يكمل بها دور الآخر لأن المركز الكاثوليكي أعطانا درسًا أخلاقيا مهمًا وهو أن نضع مصلحة المجتمع فوق نوازعنا ومصالحنا وأهوائنا .

إننا نحتاج إلي تعديل وجهة نظرنا تجاه الفن والفنانين بنفس الطريقة التي يتعامل بهبا المركز الكاثوليكي .


خريطة نجع حمادى


View مدينة نجع حمادى in a larger map

الاتصال بنا

المدونة غير مسئوله عن المادة المنشورة
المسئولية تقع على مصدر الماده المنشورة